المدرسة المغربية ومعاناة المتعلم


المدرسة المغربية ومعاناة المتعلم :


إن من المفروض على المدرسة المغربية اليوم أن تعنى أكثر بجملة من القيم النبيلة وغرسها في الطفل والمتعلم حتى يكون رجلا في المستقبل قادرا على تمييز الصحيح من الخطأ وتمييز المحظور من المقبول، وتحديد أولويات الحياة ومواجهة وضعياتها المختلفة، إضافة إلى قدرته على معالجة المعلومات والمعارف بكل الوسائل الحديثة، والتحلية بالتربية المتخلقة التي تقود إلى تربية على مواطنة كونية محددة المعالم. وهذا لن يتم إلا في ظل مدرسة تربي متعلما ذكيا يتصرف بفعالية داخل محيطه، وداخل مجتمعه، عوض التحلي بالتواكل المعرفي واكتفائه بالبحث عن المعرفة المتواجدة الجاهزة التي لا يساهم في إنتاجها بصفته وبفكره وبذكائه .
إنه لمن العيب أن تبقى المدرسة المغربية تمارس التعليم التقليدي والتلقيني، وتنكر على المتعلم قدرته على المساخمة في بناء المعرفة وإنتاجها. فذكاء المتعلم حاصل وموجود، لكنه يحتاج إلى موجه ومؤطر عاقل ناضج يوجهه نحو الطريق الصحيح لإنتاج معرفة متطورة متجددة. وهذا لعمري سيخدم الطفل المغربي الحالي الذي يعيش أزمة هوية تربوية وثقافية، فهو أسير لتقاليد وعادات بالية لا تفيد في شيء، وهو سجين إعلام موجه لتخريب العقول والقلوب وغرس القيم الهدامةالتي تضرب الاستقرار النفسي والاجتماعي داخل الأسرة. إضافة إلى أنه أصبح عرضة للضياع التعليمي من خلال طرائق بيداغوجية وتربوية تقليدية تؤمن بالتلقين والتعالي والكبرياء والأنفة والاستعباد .
ورغم أن الخطاب التربوي الرسمي يحث على تبني الإصلاح التربوي وذلك باستدعاء طرائق ووسائل تربوية حديثة، وتبني بيداغوجيات جديدة كبيداغوجية الكفايات وبيداغوجية الإدماج، قصد الخروج من شرنقة التعليم التقليدي الذي لازال عدد لابأس به من رجال ونساء التعليم يمارسونه داخل فصولهم الدراسية، فإننا لم نشاهد لحد الآن تلك الحمية التي تقطع مع الماضي التعليمي، ولم نجد أي بادرة حقيقية لتبني الإصلاح كما جاء في الكتب والخطابات ووسائل الإعلام المختلفة، وبالتالي فإنه من غير المعقول أن نبقى في ظل شد وجدب فيما يخص الإصلاح، ونعيش إرادة التحلي بالقدرة على إنزال الإصلاح التربوي إلى أرض الواقع .
إن كل جديد في مجال التربية لابد أن يضع في حسبانه أن يهدف إلى غرس القيم النبيلة في الناشئة، فكل ما يحتاجه مجتمعنا اليوم هو أن يتحلى أبناؤه بالقيم البناءة والعظيمة وإنقاذه من براثن الرجعية واللاأخلاق والتراجع الواضح على مستوى التحلي بمكارم الأخلاق التي يدعو إليها ديننا الحنيف وتدعو إليها قيمنا العربية الخالدة. وهذا لن يتأتى إلا بتعليم وتربية يدفعان إلى غرس القيم في ناشئتنا والدفاع عنها وتبنيها في الحياة اليومية .
فالمدرسة التي لا تغرس قيم التربية على المواطنة الحقة، والتربية على التكافل بين أفراد المجتمع، والتربية البيئية والحفاظ على المناخ والطبيعة، والتربية على احترام الآخرين،.... وغيرها من القيم، هي مدرسة عاجزة مفلسة كل الإفلاس. فدورها ينحصر أولا وأخيرا في بلوغ هدف غرس القيم في شخصية المتعلم، لأن المعارف التي تقدم إليه جاهزة غير مثمرة ولا تظهر فيها ملامح الرفع من الأخلاق والقيم لدى الناشئة هي معارف جامدة ولا حاجة إليها البتة .
إن المتعلم المتفوق هو الذي يستطيع أن ينتج معارف من خلال المكتسبات والموارد التي لديه، وهو خلاف للمتعلم الذي لا يعمل على استثمار مكتسباته وموارده المعرفية لإنتاج معرفة جديدة. وبالتالي، فهذا النوع من المتعلمين هو الأضعف في حلقة التربية والتعليم، وللأسف الشديد أننا نجد هذا النوع بكثرة في مدارسنا، لأنه لم يستطع أن يتجاوز مرحلة الأخذ والتلقين بدل العطاء والإنتاج، سواء من خلال قدرته الذاتية على ذلك أو من خلال مدرس لا يعي أبدا ولم يستوعب بعدُ أسس التربية الحديثة .
إن معاناة المتعلم المغربي تتزايد وتتفاقم يوما بعد يوم في ظل تعليم مازال لم يبرح مرحلة التقليدانية والرؤية الكلاسيكية للتعلم. وهذه المعاناة تنقل عدواها إلى المجتمع باستمرار لأنها لم تجد من يحدٌ من انتشارها وتفاقمها، ولم تصطدم بالتجديد الحقيقي وبالإصلاح المبني على أسس نظرية وتطبيقية مستمرة. فأغلب الخطوات الإصلاحية تصطدم بلوبيات توقف مسيرتها السريعة أو تعاني من الإرادة السياسية والمادية لبعض الفئات في قطاع التربية والتعليم .
إن فعالية التعلم بالنسبة لمتعلم اليوم تكمن في قدرته على إنتاج أفكار جديدة والمساهمة في سير العملية التعلمية داخل الفصل الدراسي، واستفادته من توجيه المدرس ونصائحه التي تفيده في إنتاج المعرفة الجديدة، عوض تلقي تعليم عمودي تقليدي تلقيني لا يرفع من جودة التعلمات ولا ينتج معارف مهمة وجديدة تساير الواقع ووضعيات الحياة اليومية .
المتعلم الذي لا يستطيع أن يحس بتغيير واضح في نهاية كل سنة دراسية، وكذلك المدرس، هو متعلم لم يحصل على أي قيمة مضافة تزيده اكتسابا تعلميا ومعرفيا. فالخلل في هذه القضية يكون حاصلا في أسلوب المدرس وطريقته التلقينية التي لم تعُد مجدية اليوم. فالمدرسة المتميزة هي المدرسة تتصف بكونها تمنح تلك القيمة المضافة للمتعلم وتكسبه معارف جديدة وقيم جديدة تساعده على النضج المعرفي والحياتي. فالعدل التعليمي يتطلب الوقوف على الفوارق بين المتعلمين واكتسابها في العملية التعلمي، ومن خلال كل هذا نصل إلى تحقيق العدل التربوي الذي يهدف إلى جعل كل المتعلمين –دون تفضيل بينهم- يتقدمون في دراستهم واكتساب المعرفة .
إن جودة التعليم والتربية التي يفترض تحقيقها تنبني على رؤية إصلاحية تضع في حسبانها متطلبات المتعلم وحاجياته من خلال إشراكه في إنتاج المعرفة وإكسابه الوسائل الكفيلة بالتعلم الذاتي من أجل المشاركة الفعالة في مسلسل البناء التربوي وتنمية الشخصية المغربية المستقبلية. وهذا سيكون قاطرة لتحقيق التنمية البشرية المستدامة والتي تهدف إلى بناء المجتمع على كل الأصعدة .....

المذكرة 178 المتعلقة بالاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان

المذكرة 178 الصادرة بتاريخ 3 دجنبر 2010 المتعلقة بالاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان.







..






مذكرة الترقية بالاختيار 2010

مذكرة الترقية بالاختيار 2010تحميل المذكرة



تحميل


ظاهرة العقاب البدني أسبابها وتأتيرها على التلميذ

ظاهرة العقاب البدني
ذ. عزيز بوستّـا (شعبة علوم التربية)
      رغم أن موضوع العقاب في التربية طُرح للنقاش من طرف مختلف الفاعلين في الحقل التربوي، على المستويين الوطني والعالمي منذ عقود، كما اهتم به المفكرون في الحضارات السابقة؛ الإسلامية واليونانية وغيرها، فيما نسميه بالأدبيات التربوية، إلا أنه رغم ذلك، مازال يحتفظ بأهميته وراهنيته للأسباب التالية:

1 ـ مازال العقاب البدني واللفظي سائدا في مؤسساتنا التربوية باختلاف مستوياتها الأولية والأساسية وغيرها.
2 ـ ظاهرة العنف (المرتبطة بالعقاب) لا يخلو منها أي بلد في العالم، وقد بلغت درجات قصوى في بعض البلدان الغربية تمثلت في إطلاق النار على التلاميذ والمدرسين...
3 ـ كنا قبل العقد الأخير نستنكر ظاهرة انتشار صور العنف في الأفلام والرسوم المتحركة التي يشاهدها الأطفال، فأصبحنا اليوم نُقذف بآلاف صور العنف والتقتيل الحية والواقعية والمبثوثة مباشرة أحيانا عن أطفال ونساء وشيوخ يُقتلون ويُقطعون أشلاء، فيما يمكن أن نسميه عقابا جماعيا للشعبين العراقي والفلسطيني...
موضوع العنف والعقاب إذن، جدير بأن يحتل صدارة نقاشاتنا، وما دمنا نعمل بالمجال التربوي، سنقتصر على تحليل البعد التربوي لهذه الظاهرة.

I ـ مظاهر العقاب في المؤسسات التربوية وأسباب وجودها:
لا بد من الإشارة – في البداية- إلى النقص الكبير في البحوث التربوية الميدانية التي أُنجزت حول هذا الموضوع، بحيث لا نملك رصداً دقيقا للحجم الحقيقي لهذه الظاهرة في مؤسساتنا التربوية، ليس هناك سوى بحوث متواضعة تشمل التعليم الابتدائي فقط، أما التعليم الأولي فلا زال في حاجة إلى دراسات علمية ميدانية. كما يجدر التنبيه إلى الصعوبات الكبيرة التي تعترض كل من يريد دراسة هذا الموضوع دراسة علمية موضوعية، فلا الاستمارات ولا الاستبيانات ولا الاستجوابات كافية لجمع معطيات جاهزة عنه، لأنه يتعلق بموضوع "محرم"، يصعب الإدلاء بالرأي الصريح حوله، كما يصعب على الباحث أن يستطلع رأي الطفل أو موقفه منه، أو أن يعرف حقيقة ما يتعرض له الطفل من عقوبات، لأن الباحث يظل بالنسبة للطفل شخصاً غريبا وممثلا في نفس الوقت لسلطة الراشد... وحتى استجواب الآباء واستطلاع آرائهم حول هذا الموضوع يخضع لمؤثرات ذاتية قد تُضخِّم منه نظرا للروابط العاطفية بين الآباء وأبنائهم، أو عكس ذلك قد تستهونه إذا كان الأب سلطويا في تعامله مع أبنائه ...
رغم النقص الملحوظ في دراسة هذا الموضوع ميدانيا، يمكننا القول من خلال ملاحظاتنا التلقائية وخبراتنا الشخصية، ومن خلال خلاصات بعض الدراسات التي أجريت في التعليم الابتدائي (1)، أن ظاهرة العقاب العنيف مازالت منتشرة في مؤسساتنا التربوية، وتأخذ عدة مظاهر منها:
1 ـ العقاب البدني بأدوات معينة كالعصي والحبال والمساطر وغيرها، أو باللطم والصفع والقرص...
2 ـ العقاب العنيف دون استخدام أدوات: كإيقاف الطفل خلف الباب، أو في مواجهة الحائط الخلفي للقسم مع رفع إحدى رجليه أو دون رفعها لمدد متفاوتة.
3 ـ العقاب اللفظي المتمثل في السّب والشتم والاستهزاء والسخرية...
4 ـ العقاب بالإهمال وعدم إعارة أي اهتمام لما يقوم به الطفل من أعمال ونشاطات تربوية وتعلمية...
5 ـ العقاب بالتنقيط (نقطة الصفر، النقطة الموجبة للرسوب)
6 ـ العقاب بالواجبات والفروض، كإرغام الطفل على كتابة كلمة أو جملة أو فقرة عشرات أو مئات المرات .
7 ـ <<العنف النفسي وفرض الرأي بصفة تسلطية وكبت حرية التعبير>>(2).
ـــــــــــــــــــــــــ
*هذا المقال هو عبارة عن عرض قدم في ندوة (العقاب اللفظي والبدني بالمؤسسات التعليمية)التي نُظمت بمركز تكوين المعلمين والمعلمات بطنجة، في إطار الملتقى السادس للتواصل بين التعليم الأولي والسلك الأول من التعليم الأساسي من 24 إلى 26 أبريل 2003.
أسباب وجود ظاهرة العقاب العنيف في مؤسساتنا التربوية:
لظاهرة العقاب العنيف عدة أسباب تشمل جوانب متعددة من حياة الفرد والمجتمع، يعود بعضها إلى عوامل تاريخية، وبعضها الآخر إلى أسباب نفسية واجتماعية وثقافية، كما يؤول بعضها أيضا إلى طبيعة النظام التعليمي ببلادنا. وهي كلها أسباب – على اختلاف درجات تأثيرها- تعمل إذا اجتمعت على تفاقم ظاهرة العقاب العنيف، وكلما ضعف تأثير بعض عناصرها، كلما لوحظ تقلص عنف العقاب وتدني حدته. نذكر من هذه الأسباب:

أ ـ الموروث التربوي: 
ونقصد به وجود جذور لظاهرة العقاب في تاريخ مجتمعنا البعيد والقريب، توارثتها أجيال بعد أجيال (3). فكثير من مفكرينا وفقهائنا المسلمين تعرضوا في مؤلفاتهم لهذه الظاهرة مثبتين وجودها، بل وتفشيها في مجتمعاتنا. نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر العلامة المختار السوسي (وُلد سنة 1898م وتوفي سنة 1963م.) من خلال مؤلفيه: <<المعسول>> الذي يقع في عشرين جزءا و <<مدارس سوس العتيقة>>، وهي مؤلفات جمع فيها كاتبها معلومات عن أزمنة ممتدة من القرن الخامس الهجري إلى القرن الرابع عشر الهجري.(4)
يقول المختار السوسي نقلا عن أحد المدرسين: << إن والديهم (آباء التلاميذ) إذا لم يجدوا فيهم (أبنائهم) أثرا للضرب ولوث الدم وتلطيخ بكثرة الجروح فإنهم يرجعون إليّ باللائمة والعتاب ... فكثيرا ما يأتي أحدهم فيقف بعيداً أو ينادي من وراء الحجرات، اضرب ولدي فإنه ساكت لاعب لاهٍ>>(5) وعن ذلك يعقب المختار السوسي <<هذا التأديب العنيف الذي يرتكبه الطلْبة (المدرسون) ويرتضيه الآباء ويغُضُّ عنه الرأي العام هو الذي يحمل بعض التلاميذ على الانتحار ...على الهروب وقلما نجد من لم يهرب من بلد إلى بلد من كل من تعلم القرآن>>(6).
وعن العلاقة بين المعلم والمتعلم، يقول المختار السوسي: << إذا جلس التلميذ إلى الطالْب (المدرس) ليعرض لوحته ثم تململ فيها، فلا يجيبه إلا بلطمة أو ركلة أو بقرصة ... والمقرص الرسمي يكون دائما تحت الذقون. ولذلك قلما نجد تلميذا إلا له أثر في عنقه ... والوالدان يقولان في ذلك متى رأوه رضي الله على الطالْب فما أكثر اجتهاده ... وقلما نجد من يمتعض لولده إن رأى منه مثل ذلك ...>>(7) ويصف المختار السوسي نفسية هؤلاء المدرسين بقوله: << بل أكثرهم، المدرسون متخلقون بهذه الشراسة والقساوة، بحيث إن لم ينهمكوا في تعذيب المتعلم، يحصل لهم التغيير الظاهر, والقبض والصداع، طبيعة وتطبع>>(8)
وتجدر الملاحظة إلى أن أغلب الفقهاء الذين أوردوا هذه الشهادات عن وجود ظاهرة العقاب البدني في المجتمع يتفقون على ضرورة تجنب العقاب العنيف في التربية، لكنهم لا ينفون أهميته حين يكون معتدلا، بل منهم من يحدد عدد الضربات المسموح بها لكل مرحلة من مراحل الطفولة(9).

ب ـ تأثير التنشئة الاجتماعية في تكوين المربي والمدرس:

تتميز أغلب الأوساط الأسرية في مجتمعنا بالخصائص الآتية:
1 ـ تمركز السلطة في يد الأب، وعدم إتاحته لباقي أفراد الأسرة فرصة مناقشة أي قرار يتعلق بالأسرة، وخاصة منهم الأطفال الصغار.
2 ـ استعمال العقاب البدني في التربية الأسرية.
فمثل هذه التنشئة الاجتماعية، لا بد وأن تترك بصماتها في سلوك المدرس - الذي ترعرع فيها- أثناء قيامه بمهامه التعليمية التربوية.
ج ـ تأتير المدرسين السابقين على المدرسين الجدد، فهؤلاء يستمدون الكثير من التقنيات التعليمية من مدرسيهم القدامى عن وعي أو بدونه.
هكذا يتعامل المربي أو المدرس داخل القسم مع الطفل الحاضر أمامه، مستحضرا دون وعي، تجربة الطفل القابع في لاوعيه، مما يجعله في غالب الأحيان يُعيد إنتاج نفس نمط التربية الذي تلقاه. لكن – لحسن الحظ- ما يجعل هذه النماذج لا تتكرر بنفس الحدة، هو خضوع المجتمع لحركية (ولو بطيئة) تتدخل فيها عناصر جديدة تجعلها تتطور نحو الأفضل، نحو علاقات تربوية أقل سلطوية، من هذه العناصر: الاحتكاك الذي وقع لمجتمعنا مع حضارات مختلفة، وبداية اتساع الحريات الفردية والعامة في المجتمع.
د ـ التنافر الحاصل بين المؤسسة التربوية ووسائل الاتصال الحديثة: فحضارة الصورة التي نعيشها اليوم، وثورة المعلوميات، تجعل الطفل منجذبا لمنتجاتها، مستسلما لمغرياتها، نظرا لما تقدمه له من تنشيط وحركية وصور جذابة وفرجة وتسلية، مما يجعل الطفل ينغمس بكل جوارحه في تعامله معها (من هذه الوسائل: الألعاب الإلكترونية وبعض برامج الحاسوب والأنترنيت، وبرامج القنوات الفضائية المختلفة). وفي مقابل هذا العالم المليء بالحركة والتنشيط والمتعة، يجد الطفل نفسه داخل المؤسسة التربوية أمام وسائل تعليمية بدائية غالبا ما تنحصر في السبورة والطباشير، وطرق تدريس عقيمة تعتمد على التلقين والحفظ والاستظهار... مما يجعل الطفل ينفر من هذه المؤسسات، ولا يُقبل عليها إلاّ مُكرها، مما يفتح المجال واسعا لممارسة مختلف أشكال العنف والعقاب لإرغام الطفل على "التكيف" مع هذا "العالم التربوي" الذي لا يلبي حاجياته ورغباته ...

ج ـ إكراهات تتحمل مسؤوليتها المنظومة التربوية ببلادنا، أذكر منها:
1 ـ اكتظاظ الأقسام بالأطفال يساهم في خلق علاقات تربوية غير سليمة بين المربين أو المدرسين والأطفال، كما يعد أرضية خصبة لتفشي كل أشكال العنف بما فيها العقاب البدني واللفظي.
2 ـ ضعف إمكانيات المؤسسة التربوية، وندرة الوسائل التعليمية المناسبة، يساهم في تكريس طرق تقليدية في التربية، مما يضطر المربين إلى اللجوء إلى بعض أشكال العقاب "لإرغام" الأطفال على مسايرة دروسهم ... فالاستغناء عن العقاب البدني يتطلب من المدرس - بالإضافة إلى خبرته البيداغوجية- توفره على وسائل تعليمية حديثة.
3 ـ إكراهات تتعلق بالبرامج التعليمية واستعمالات الزمن: فكثافة البرامج الدراسية وتنوعها، يجعل الكثير من المدرسين – تحت ضغط التوجيهات الرسمية- لا يفكرون إلا في تنفيذها في الآجال المحددة لها بغض النظر عن مدى تحقق أهدافها الموجهة لتربية الطفل وتنمية قدراته المختلفة. كما أن بعض استعمالات الزمن في التعليم الابتدائي وُضعت لتغطية الخصاص الحاصل في الحجرات الدراسية، فأصبحت الحجرة الواحدة تتسع لقسمين أو ثلاثة أقسام بالتناوب (الصيغتين الثانية والثالثة)، بحيث يدرس فيها التلاميذ ومدرسوهم طوال اليوم الدراسي، بدون انقطاع. مما يجعل تغذيتهم غير منتظمة، لأن الفترة الزوالية مستغرقة بالدراسة، فالطفل إما أن يخرج من المدرسة في الساعة الواحدة وإما أن يلجها في نفس التوقيت. وهذا بحد ذاته يمثل عقوبة قاسية للأطفال ولمدرسيهم في نفس الآن.
4 ـ إكراهات المراقبة التربوية والإدارية التي كثيرا ما تلحّ على الإنجاز الحرفي لكل أهداف الدرس المسطرة في الجذاذات.
5 ـ مراعاة كثير من مؤسسات التعليم الأولي لرغبات ومتطلبات أولياء أمور التلاميذ، بناء على حسابات الربح والخسارة المادية، يكون أحيانا على حساب جوانب بيداغوجية تربوية. فالكثير من أولياء أمور التلاميذ يقيسون مدى نجاح تربية أبنائهم بمدى حفظهم لكم هائل من المحفوظات بالعربية وبلغات أجنبية، وهو مقياس خاطئ بالنظر إلى ما تتطلبه مرحلة نمو الطفل في التعليم الأولي من الاعتماد بالدرجة الأولى على أنشطة حسية حركية يقوم المربون من خلالها بحفز الأطفال على البناء التدريجي لمختلف المفاهيم الأولية التي تهيئهم لاستيعاب البرامج التعليمية في مرحلة التعليم الابتدائي كما تلبي حاجياتهم المتعلقة بمستوى نضجهم.

من البيداغوجية والديداكتيك إلى المنهاج الدراسي

حول مقاربة المنهاج الدراسي في مجال التربية والتعليم
من البيداغوجية والديداكتيك إلى المنهاج الدراسي

ذ. بنعيسى احسينات

مقدمة:
منذ ظهور علوم التربية، والبحث متواصل من أجل عقلنة وترشيد العملية التعليمية التعلمية. ولقد استفادت هذه الأخيرة بالفعل، في كثير من جوانبها، مما وصلت إليه الدراسات والأبحاث في عدد من فروع علوم التربية، خاصة ما يتصل منها بشكل مباشر بالفعل التعليمي وبشروط إنجازه. وهكذا تم استثمار معطيات فلسفة التربية في تحديد هدفية التربية وقيمتها وإمكاناتها وحدودها. كما تم استثمار معطيات سيكولوجية التربية في تحديد أساليب التعامل مع المتعلم. وتم كذلك استثمار معطيات سيكوسوسيولوجية التربية في رصد الظواهر السيكوسوسيولوجية السائدة داخل الفصل، ووعي مستوى العلاقات بين المتعلمين والمدرس، وضبط عوامل تحسين مناخ الفصل ليكون أرضية تعلم ملائمة حقا. وتم أيضا استثمار معطيات سوسيولوجية التربية في إدراك ووعي البعد الاجتماعي الذي يتحكم في العملية التعليمية التعلمية ومختلف التأثيرات التي يحدثها فيها.كل هذه الاستثمارات وغيرها، انعكست على العمل التعليمي داخل الفصل، فصار لزاما على الدارسين والممارسين لعملية التعليم، أن يتمثلوا عددا من المفاهيم والتصورات التي تستند إليها الممارسة التعليمية على ضوء الديداكتيك.فما هو هذا الديداكتيك ؟ وكيف تم الانتقال من البيداغوجية إلى الديداكتيك ؟ وأي معنى للمنهاج الدراسي، من خلال أسسه ومكوناته، على ضوء الخطاب الديداكتيكي ؟



I
ـ من البيداغوجية إلى الديداكتيك : 
للمساهمة في تصحيح القاموس البيداغوجي المتداول من أجل تجنب الانسياق وراء ما أسماه بياجي بالتضخم السيمانتيكي Inflation sémantique، وجب الوقوف قليلا عند مفهومين أساسيين هما : البيداغوجية والديداكتيك العام، لنتناول بعد ذلك، كيفية الانتقال من الأول إلى الثاني.

1.
مفهوم البيداغوجية La pédagogie: 
تتكون كلمة " بيداغوجيا " في الأصل اليوناني، من حيث الاشتقاق اللغوي، من شقين، هما : Péda وتعني الطفل، و Agôgé وتعني القيادة والسياقة، وكذا التوجيه. وبناء على هذا، كان البيداغوجي Le pédagogue هو الشخص المكلف بمراقبة الأطفال ومرافقتهم في خروجهم للتكوين أو النزهة، والأخذ بيدهم ومصاحبتهم. وقد كان العبيد يقومون بهذه المهمة في العهد اليوناني القديم.فقد أخذت كلمة " بيداغوجيا " بمعان عدة، من حيث الاصطلاح، حيث اعتبرها إميل دوركهايم E. Durkheim : نظرية تطبيقية للتربية، تستعير مفاهيمها من علم النفس وعلم الاجتماع. واعتبرها أنطوان ماكرينكو A. Makarenko(العالم التربوي السوفياتي) : العلم الأكثر جدلية، يرمي إلى هدف عملي. وذهب روني أوبير R. Hubert، إلى أنها ليست علما ولا تقنية ولا فلسفة ولا فنا، بل هي هذا كله، منظم وفق تمفصلات منطقية. والملاحظ أن هذه التعاريف، وكثير غيرها، تقيم دليلا قويا على تعقد " البيداغوجيا " وصعوبة ضبط مفهومها، مما يدفع دائما إلى الاعتقاد أن تلك التعاريف وغيرها، ليست في واقع الأمر سوى وجهات نظر في تحديد مفهوم " البيداغوجيا ".لذا، من الصعب تعريف " البيداغوجيا " تعريفا جامعا ومانعا، بسبب تعدد واختلاف دلالاتها الاصطلاحية من جهة، وبسبب تشابكها وتداخلها مع مفاهيم وحقول معرفية أخرى مجاورة لها من جهة أخرى. ولعل هذا ما يبرر سعي كل من غاستون ميالاري G. Mialaret وروبير لافون R. Lafon، إلى استعمال قاموس لغوي، يحاول أن يغطي ميادين متعددة متداخلة فيما بينها تداخلا شديدا. وهذا ليس بغريب، ما دامت علوم التربية لا تزال قائمتها مفتوحة لاستقبال علوم أخرى. ولكن الفعل والممارسة لا يستطيعان انتظار استكمال القواميس واستقراء المعاجم. ولهذا الاعتبار، نأخذ بوجهة نظر التي تميز في لفظ " بيداغوجيا " بين استعمالين، يتكاملان فيما بينهما بشكل كبير، وهما :
إنها حقل معرفي، قوامه التفكير الفلسفي والسيكولوجي، في غايات وتوجهات الأفعال والأنشطة المطلوب ممارستها في وضعية التربية والتعليم، على الطفل و الراشد .
إنها نشاط عملي، يتكون من مجموع الممارسات والأفعال التي ينجزها كل من المدرس والمتعلمين داخل الفصل.هذان الاستعمالان مفيدان في التمييز بين ما هو نظري في البيداغوجيا، وما هو ممارسة وتطبيق داخل حقلها.

2.
مفهوم الديداكتيك La didactique : 
تنحدر كلمة ديداكتيك، من حيث الاشتقاق اللغوي، من أصل يوناني didactikos أو didaskein، وتعني حسب قاموس روبير الصغير Le Petit Robert، " درٌّس أو علٌّم " enseigner. ويقصد بها اصطلاحا، كل ما يهدف إلى التثقيف، وإلى ما له علاقة بالتعليم. ولقد عرف محمد الدريج، الديداكتيك في كتابه " تحليل العملية التعليمية "، كما يلي : " هي الدراسة العلمية لطرق التدريس وتقنياته، ولأشكال تنظيم مواقف التعليم التي يخضع لها المتعلم، قصد بلوغ الأهداف المنشودة، سواء على المستوى العقلي المعرفي أو الانفعالي الوجداني أو الحس حركي المهاري. كما تتضمن البحث في المسائل التي يطرحها تعليم مختلف المواد. ومن هنا تأتي تسمية " تربية خاصة " أي خاصة بتعليم المواد الدراسية (الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك المواد) أو " منهجية التدريس "( المطبقة في مراكز تكوين المعلمين والمعلمات)، في مقابل التربية العامة (الديداكتيك العام)، التي تهتم بمختلف القضايا التربوية، بل وبالنظام التربوي برمته مهما كانت المادة الملقنة ".ورغم ما يكتنف تعريف الديداكتيك من صعوبات فإن معظم الدارسين المهتمين بهذا الحقل، لجئوا إلى التمييز في الديداكتيك، بين نوعين أساسيين يتكاملان فيما بينهما بشكل كبير، وهما :ـ الديداكتيك العام : يهتم بكل ما هو مشترك وعام في تدريس جميع المواد، أي القواعد والأسس العامة التي يتعين مراعاتها من غير أخذ خصوصيات هذه المادة أو تلك بعين الاعتبار.ـ الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك المواد : يهتم بما يخص تدريس مادة من مواد التكوين أو الدراسة، من حيث الطرائق والوسائل والأساليب الخاصة بها.لكن هناك تداخل وتمازج بين الاختصاصين، بل لابد من تضافر جهود كل الاختصاصات في علوم التربية بدون استثناء. إن التأمل في أي مادة دراسية، تجرنا إلى اعتبارات نظرية شديدة التنوع : علمية، سيكولوجية، سيكوسوسيولوجية، سوسيولوجية، فلسفية وغيرها. كما تفرض علينا في الوقت ذاته، العناية ببعض الجزئيات والتقنيات الخاصة، وبعض العمليات والوسائل التي يجب التفكير فيها أولا عند تحضير الدروس، ثم عند ممارستها بعد ذلك. فلا بد من تجاوز الانفصال والقطيعة بين النظريات العامة والأساليب العملية التطبيقية. فعلينا كمدرسين، ألا نحاول الوصول إلى أفضل الطرق العملية فحسب، بل نحاول أن نتبين بوضوح، ما بين النتائج التي نتوصل إليها عند ممارسة الفصل الدراسي، وبين النظريات العامة من علاقة جدلية.

3.
الانتقال من البيداغوجيا إلى الديداكتيك :  
يقودنا تحديد المفاهيم إلى تفسير الانتقال من البيداغوجيا الى الديداكتيك، حيث يقول فرانسوا تيستو F.Testu، في كتابه: من السيكولوجيا إلى البيداغوجيا : " إن الوضعية البيداغوجية، تتميز في الواقع بخصوصية وغنى، لدرجة أنه ينبغي، حسب بياجي J.Piaget، معالجتها لذاتها بأكثر تجريبية ممكنة، مستعملين ميتودولوجية السيكولوجيا. وبتعبير آخر، فإن البيداغوجية التجريبية وحدها قادرة على أن تؤسس الديداكتيك".ويتضح من هذا القول، أن البيداغوجية التجريبية هي التي كانت وراء ظهور الديداكتيك. وبناء عليه، يمكن إعادة التصور العام لحركية العلم البيداغوجي، والقول بأن الانتقال كان في البداية أصلا، من الفلسفة إلى السيكولوجيا، ومن السيكولوجيا إلى البيداغوجيا، ثم من البيداغوجيا إلى الديداكتيك. يبقى هنا أن نتساءل. هل بإمكان تجاوز الديداكتيكي للبيداغوجي ؟ وبالتالي، هل الديداكتيك يلغي البيداغوجيا ويقيم معها القطيعة ؟ أم أنه يبقى على الدوام بحاجة إليها ويشتغل لفائدتها ؟ إن هذه التساؤلات هي التي تجعلنا نعتقد أن في الإمكان تصور الحركة في الاتجاه المعاكس، أي من الديداكتيك إلى البيداغوجيا، انطلاقا من جدلية قائمة بينهما لا تلغيها انشغالات واختصاصات كل منهما.

II
ـ الديداكتيك والمنهاج الدراسي : 


مع تركيز الاهتمام بالمصطلح التربوي، وسعي الدارسين نحو تحديده بشكل دقيق، وتحديد ما بين كثير من المفاهيم البيداغوجية المستعملة من صلة أو تداخل، ظهر الانشغال بمحاولة إبراز العلاقة بين مفهوم الديداكتيك ومفهوم المنهاج، وارتباط كل منهما بالآخر. ونتيجة لذلك، صرنا نجد في الإنتاجات التربوية المعاصرة، إشارات إلى تلازم المفهومين، لحد اعتبر معه المنهاج الدراسي أحيانا مجالا يغطي الاهتمامات المشكِّلة لموضوع الديداكتيك. وانطلاقا من هذه العلاقة، نتساءل عن معنى مفهوم المنهاج الدراسي، وعن أسسه ومكوناته.

.1.
مفهوم المنهاج الدراسي Curriculum:  
تعود لفظة منهاج إلى أصل إغريقي، وتعني سباق الخيل أو النهج أو الطريقة التي يسلكها الفرد. وقد وظف اليونان المنهاج في التربية، وكان مرتبطا بالفنون السبعة: النحو، البلاغة، المنطق، الحساب، الهندسة، الفلك والموسيقى. وقد عرِّف المنهاج من زوايا مختلفة، وسنقتصر على تعريف طارق محمد، الوارد في معجم علوم التربية، مع تصرف طفيف: " يعبر المصطلح منهاج في استعماله الفرنسي، عن النوايا أو عن الإجراءات المحددة سلفا، لأجل تهييء أعمال بيداغوجية مستقبلية. فهو إذن خطة عمل، تتضمن الغايات والمرامي والأهداف المقصودة، والمضامين والأنشطة التعليمية، وكذا الأدوات الديداكتيكية، من طرائق التعليم وأساليب التقويم. وعلى عكس الأدبيات التربوية الفرنسية، تميل الأدبيات الإنجليزية إلى تعريف مفهوم المنهاج، كفعل وواقع، يمارس من طرف المدرس وتلامذته في القسم ".ونظرا لتداخل بعض المصطلحات القريبة من مفهوم المنهاج، نقف عند بعضها لمحاولة إبراز ما يمكن تسجيله من فرق بينها وبينه.ــ مصطلح المنهج La méthode : هو مجموع المراحل أو الخطوات التي يتبعها الباحث في دراسة موضوع ما أو ظاهرة كيف ما كان حقل انتمائها. وفي هذا الإطار، تتعدد المناهج بحسب موضوع الظاهرة المدروسة، فنجد مثلا المنهج الوصفي، والمنهج التاريخي، والمنهج التجريبي...إلخ.ــ مصطلح منهجية التدريس Méthodologie d’enseignement : هي عبارة عن إجراءات تنظيمية دقيقة لمحتوى المادة أو الخبرة المراد تبليغهما للمتعلمين خلال الدرس. وتتبع في مثل هذا التنظيم أسس، ترتبط من جهة، بطبيعة المادة التعليمية وخصوصيتها، ومن جهة أخرى، بالتصور العام الذي تنجز في إطاره عملية التدريس(ديداكتيكية المواد أو الديداكتيك الخاص).ـ مصطلح البرنامج(المقرر) Le programme : يرتبط البرنامج بالمحتوى المراد تبليغه للمتعلمين، وهو أحد مكونات المنهاج الدراسي. يتكون عادة من موضوعات مادة تعليمية معينة التي يتعين تدريسها خلال فترة زمنية، تحدد في الغالب في سنة دراسية بكاملها.

2.
أسس المنهاج الدراسي :  
يعتبر المنهاج الدراسي جزء لا يتجزأ من المشروع التربوي العام الذي تظل فلسفة التربية توجهه بشكل دائم، داخل المجتمع، إلى جانب المساهمات الفعالة لباقي علوم التربية، لأجرأة هذا المشروع. ومن ثمة، فإن هناك أسسا محددة، تؤطر المنهاج، فيستنبط منها تصوراته ومكوناته. تتلخص هذه الأسس في الجدول التالي :

-
أسس فـلسـفية: هي مجموعة من القناعات والتصورات العامة التي تسير وفقها العملية التعليمية، وكذا المواقف المحددة من المتعلمين، ومما ينبغي أن يتعلمون أكثر من غيره. ورغم اختلاف وتباين توجهات نماذج من الفلسفات، فهي تلتقي كلها في توجيه المنهاج الدراسي نحو تحديد الغايات والأطر العامة التي يجب أن ينطلق منها كل مكون من مكوناتها.

-
أسس اجتماعية اقتصادية: هي مجموعة من الخصائص الحضارية والمقومات الاقتصادية للمجتمع، عبر صيرورته التاريخية المتجدرة في تاريخه السياسي والاقتصادي وتراثه الثقافي وقيمه الدينية والأخلاقية، وتفاعله مع الحضارات المعاصرة له. فالمحتويات الدراسية والخبرات المراد تبليغها هي خبرات المجتمع، تعبر بدقة عن واقعه، وكذا عن طموحاته.

-
أسس سيكولوجية تربوية: هي مجموع المعطيات المتصلة بالخصائص السيكولوجية للمتعلم :ـ كطبيعة المرحلة العمرية للمتعلم وحاجاته المختلفة.ـ والأساليب والتقنيات التي تساعد المتعلم على التعلم بدافعية وفعالية.ـ وتنظيم الخبرات التعليمية وفق مستواه العمري والعقلي.ـ وأساليب قياس درجة التعلم، تضمن لديه قدرا من الموضوعية والصدق والثبات.

-
أسس معرفية علمية: تتصل بما وصلت إليه الإنسانية من تطور في حقول معرفية متنوعة، يستفيد منها المنهاج الدراسي، على بلورة خبرات ومحتويات تعليمية، تقدم للمتعلمين وفق برنامج محدد من جهة، ومن جهة أخرى، يستعين بها في النظر إلى العملية التعليمية التعلمية، بكيفية تجبر هذه الأخيرة على أن تخضع إلى حقائق معرفية علمية صارمة.




3.
مكونات المنهاج الدراسي :  
إذا كان المنهاج الدراسي بالتعريف، نسق أو كلية من العناصر أو المكونات والوظائف المترابطة فيما بينها بعلاقات وعمليات التي تقود، بفعل صيرورتها الداخلية، إلى تحقيق غاية ما، أمكن تحديد مكوناته في الأهداف والمحتويات والطرق والوسائل والتقويم والدعم، إلى جانب المدرس والمتعلم والعلاقة بينهما، في إطار مؤسسة تعليمية معينة. وتتشكل هذه المكونات من الأفعال التي يقوم بها كل من المدرس والمتعلم، في علاقة مع المادة الدراسية وغيرها، انطلاقا من مظهر بنائي، يحدد شبكة العلاقات بين المكونات ومواقعها، وانطلاقا من مظهر وظيفي، المحدد بالعمليات والمهام التي تقوم بها المكونات المذكورة، دون أن ننسى العلاقة التي تربطه جدلا بالوسط الاجتماعي. فالنسق التربوي يستمد غاياته وتوجهاته من المحيط الاجتماعي، ببنياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تشكل السياسة التربوية لذلك النسق، ثم يؤثر ويوجه المنهاج الدراسي في أهدافه ومضامينه ووسائل إنجازه وتقويمه ودعمه. ويؤثر المنهاج الدراسي بدوره، من خلال تلك الطاقة البشرية التي يكونها معرفيا ومهاريا ووجدانيا ومنهجيا، في الوسط التربوي من جهة، والمحيط الاجتماعي من جهة ثانية.
__________
ذ. بنعيسى احسينات

ـــــــــــــــــ
المراجع :ـ تحليل العملية التعليمية. محمد الدريج. منشورات الدراسات النفسية التربوية. 1983.ـ الدرس الهادف. محمد الدريج. مطبعة النجاح الجديدة. الطبعة الأولى. 1990.ـ معجم علوم التربية. مجموعة من المؤلفين. سلسلة علوم التربية. ع.9 /10. دار الخطابي للطباعة والنشر.1994.ـ العملية التعليمية والديداكتيك. سلسلة التكوين التربوي. خالد المير وآخرون. ع.3. مطبعة النجاح الجديدة. 1994.ـ البرامج والمناهج. مجموعة من المؤلفين. سلسلة علوم التربية. ع. 4. دار الخطابي للطباعة والنشر. 1990.ـ من البيداغوجيا إلى الديداكتيك. رشيد بناني. منشورات الحوار الأكاديمي والجامعي. البيضاء. 1991.ـ وضعيات الديداكتيك وارتباطها. محمد أمزيان. مجلة علوم التربية. ع.5. 1993.ـ مفهوم المنهاج ومفهوم البرنامج. محمد طارق. مجلة علوم التربية. ع. 4. 1993. ـ مسائل ديداكتيكية. محمد فاتحي. مجلة ديداكتيكا. ع. 3. 1992.ـ التربية الاشتراكية. أنطوان مكارينكو. ترجمة أديب يوسف شيش.دار الفكر. بدون تاريخ.ـ المنهاج التعليمي. محمد أحبادو. مجلة التدريس. ع. 7. 1984.ـ المناهج التربوية. قوما جورج خوري. المؤسسات الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع. بيروت. 1983.ـ المنهاج الدراسي وحاجات الطفل. أحمد وزي. مجلة علوم التربية. ع.5. 1993.ـ المناهج التربوية. حسن فكري. عالم الكتب. القاهرة. 1972.
- Les règles de la méthode sociologique. E.Durkheim. P.U.F. Paris. 1968.
- Evolution de la relation pédagogique. J.Ardoino. in. Education et Pédagogie. Larousse. Paris. 1977.
- La didactique en questions. L.Cornu et Vergnioux. Hachette. Paris. 1992.
- Les fondements de l’action didactique. De Corte. Ed. Universitaires De Boeck. Bruxelles. 1990.
- Traité des sciences pédagogiques. M.Debesse et G.Mialaret. P.U.F. Paris. 1969.
- La didactique et ses principales préoccupations. C.Begin. C.P.R. Rabat. 1980.

امتحانات جهوية وامتحانات محلية للسنة الثالثة إعدادي في جميع المواد

امتحانات السنة الثالثة اعـدادي
          جميع امتحانات  السنة الثانية اعدادي ثانوي في  جميع المواد من سنة 1999 الى سنة 2009

تم توفير عدد من الامتحانات لجميع المواد   للسنة الثانية إعدادي. الامتحانات من سنة 1999 الى سنة 2009 ومن أجل مساعدتنا على تطوير الموقع أرسل لنا دروسك وتمارينك للسنة الثانية إعدادي في جميع المواد عبر خاصية راسل الموقع بالاعلى لنتمكن من رفعها ونشرها على موقعنا.
ستحتاج البرنامج قارئ pdf لتشغيل الدروس تستطيع تحميله من الرابط التالي:

امتحانات خاصة بالسنة الثانية إعدادي في جميع المادة :


لتحميل الدروس والتمارين المحلولة قم بالضغط على كلمة درس أوتمرين من كل جدول




امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة الرياضيات السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي لمادة الرياضيات و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان

 





امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة علوم الفيزياء السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي لمادة علوم الفيزياء و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان





امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة علوم الحياة والارض السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي علوم الحياة والارض و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان



 


امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة الاجتماعيات السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي لمادة الاجتماعيات و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان




امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة التربية الاسلامية السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي لمادة التربية الاسلامية و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان
 



 


امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة اللغة العربية السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي لمادة اللغة العربية و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان


 

امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة اللغة الفرنسية السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي لمادة اللغة الفرنسية و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان
 





امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة اللغة الانجليزية السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي لمادة اللغة الانجليزية و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان
 




امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة التربية التشكيلية السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي لمادة التربية التشكيلية و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان
 

 


امتحانات محلية وامتحانات جهوية لمادة التكنلوجيا السنة الثالثة اعدادي

تم توفير امتحانات جهوية و امتحانات محلية  للسنة الثالثة اعدادي لمادة التكنلوجيا و للدورة الاولى والدورة الثانية للتحميل اضغط على كلمة امتحان
 
بانتظار تعليقاتكم ومشاركاتكم ومراسلاتكم للرقي بالموقع